ارتفاع الأصول الآمنة بعد إعلان ترامب عن التعريفات الجمركية

قويَ الدولار الأميركي وارتفع الذهب إلى مستوى قياسي جديد بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على واردات الصلب والألمنيوم، ما أثار موجة جديدة من عدم اليقين في الأسواق العالمية.
تراجع كل من الين الياباني والدولار الكندي مقابل الدولار الأميركي، فقد دفع المستثمرون مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري إلى أعلى مستوى له في ما يقرب من أسبوع. ويخشى المشاركون في السوق من أن تؤدي التعريفات المرتفعة إلى زيادة التضخم، ما قد يحدّ من قدرة الاحتياطي الفدرالي على خفض أسعار الفائدة. في الوقت نفسه، ارتفع الذهب إلى 2,903.21 دولار للأونصة مع تصاعد التوترات التجارية، ما عزز الطلب على الأصول الآمنة.
في سوق الأسهم، ارتفعت العقود الآجلة لمؤشري S&P 500 وNasdaq 100 بنسبة 0.4% على الأقل، ما يشير إلى تعافٍ بعد الخسائر الحادة يوم الجمعة. كما أدى الإعلان عن التعريفات الجمركية إلى دعم كبير لأسهم شركات المعادن الأميركية، فقد قفز سهم United States Steel Corp بنسبة 15% في تعاملات ما قبل السوق، بينما ارتفع سهم Alcoa Corp بنسبة 5%. في أوروبا، ارتفع مؤشر Stoxx 600 الأوروبي، بقيادة BP Plc، التي شهدت أكبر قفزة لها منذ العام 2020 بعد أن استحوذت Elliott Investment Management على حصة في الشركة.
أضافت تعريفات ترامب المقترحة بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم، التي من المقرر الإعلان عنها رسميًا يوم الاثنين، المزيد من الضغوط على الأسواق، بخاصة مع ترقب شهادة رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول أمام الكونغرس. كما أن الاحتمال يزيد بأن ترامب قد يكشف عن تعريفات جمركية مماثلة ضد دول أخرى خلال هذا الأسبوع. وعلى الرغم من تأكيده بأن التعريفات ستشمل كافة الواردات، إلا أنه لم يحدد موعدًا رسميًا لدخولها حيز التنفيذ.
يشير انتعاش العقود الآجلة للأسهم الأميركية إلى أن بعض المستثمرين يرون في التراجع الحاد الأسبوع الماضي فرصة للشراء، بعد أن خسر S&P 500 حوالى 1%. لا تزال الأسواق تترقب عددًا من الأحداث الرئيسية في الأيام المقبلة، بما في ذلك شهادة باول وبيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة.
ارتفاع الذهب مستمر مع تصاعد المخاوف من التضخم بسبب التعريفات
لا يبدو أن الارتفاع القوي في أسعار الذهب سيتوقف قريبًا، فيُتوقع أن تؤدي التعريفات الجمركية المتزايدة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الضغوط التضخمية. في ظل السياسات الحمائية وعدم اليقين التجاري، أصبح الذهب أحد الأصول الأكثر استفادة من هذه الأوضاع.
مع اقتراب أسعار الذهب من حاجز 3,000 دولار للأونصة، يمكن أن تكون التوترات التجارية المحرك الرئيسي لمزيد من المكاسب. ومن الناحية التاريخية، لا يبدو هذا السيناريو بعيدًا عن الواقع، ففي العام 2018، عندما فرض ترامب تعريفات جمركية واسعة النطاق، ارتفعت أسعار الذهب بنحو 50% في العامين التاليين، فقد سعى المستثمرون إلى الحماية من عدم الاستقرار الاقتصادي ومخاطر التضخم.
هذه المرة، تبدو الظروف أكثر إيجابية لصالح الذهب. فإلى جانب تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية، ليس مع الصين فحسب بل عالميًا، تستمر المصارف المركزية في زيادة احتياطياتها من الذهب بمستويات قياسية. كما أن الطلب المحلي الأميركي على المعدن النفيس يشهد ارتفاعًا كبيرًا، ما يعزز الاتجاه الصاعد.
على عكس الدورات الاقتصادية السابقة، لم يعد ارتفاع الدولار يشكل عائقًا أمام صعود الذهب. بل إن المعدن الثمين يواصل مكاسبه بالتزامن مع قوة الدولار، ما يشير إلى طلب واسع النطاق على الذهب كوسيلة للتحوط ضد المخاطر النظامية. إضافة إلى ذلك، فإن قرار الصين الأخير بالسماح لشركات التأمين بتخصيص جزء من محافظها الاستثمارية للذهب قد يفتح الباب أمام تدفقات استثمارية جديدة بمليارات الدولارات، ما يدعم الزخم الصاعد للذهب.
محدودية ارتفاع مؤشر الدولار
على الرغم من ارتفاع مؤشر الدولار الأميريكي (DXY) في الأيام الثلاثة الماضية، قد يكون هذا الاتجاه الصاعد محدودًا، بخاصة أنه جاء نتيجة قرار ترامب الأخير. وتشير تحركات الأسعار والزمن إلى احتمال حدوث انخفاض آخر في الأسابيع المقبلة، لا سيما أن العلاقة الصاعدة بين الزمن والسعر انتهت في 20 يناير، ما يترك المجال مفتوحًا لمزيد من التراجع.
وليستعيد المؤشر اتجاهًا صاعدًا قويًا، سيحتاج إلى اختراق القمة المسجلة في يناير. ومن الجانب الهابط، يقع مستوى الدعم الرئيسي التالي عند 107.30، وهو المستوى الذي يجب مراقبته عن كثب.
اليورو يحافظ على مستوى 1.03
تمكن اليورو من البقاء فوق مستوى 1.03 لأكثر من أسبوعين، متعافيًا من التراجعات الحادة التي شهدها في بداية الأسبوع الماضي. هذه الحركة تشبه ما يحدث في مؤشر الدولار الأميركي ولكن بالاتجاه المعاكس. مع انتهاء العلاقة الهابطة بين السعر والزمن في 21 يناير، هناك فرصة لأن يشهد اليورو انتعاشًا في الأسابيع المقبلة.
حاليًا، لا تزال المؤشرات الفنية غير إيجابية بما يكفي، إلا أن هذا الوضع قد يفتح الباب أمام مرحلة تموضع استراتيجي، بشرط أن يظل اليورو فوق مستويات 1.03 و1.02. أما على الجانب الصاعد، فالمستويات الرئيسية التي يجب مراقبتها هي 1.0350 و1.0450، التي قد تمثل نقاط مقاومة قوية في المدى القريب.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية