تحولات السياسات النقدية والحذر في أوروبا

في سويسرا، خفّض المصرف المركزي سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية ليصل إلى 0.25%. تأتي هذه الخطوة امتدادًا لسلسلة من الخفض تهدف إلى الحد من تدفقات رأس المال إلى الفرنك ومواجهة حالة عدم اليقين العالمي. وأشار صانعو السياسة إلى انخفاض احتمال اتخاذ مزيد من التخفيضات في المستقبل القريب، مستشهدين بتضاؤل الحيز المتاح للتيسير ورغبتهم في تفادي الضغوط المتجددة على النظام المالي. كما أكدوا مجددًا استعدادهم للتدخل في سوق الصرف الأجنبي عند الضرورة.

وفي الوقت ذاته، صوت بنك إنجلترا في المملكة المتحدة على الإبقاء على سعر الفائدة الأساسي من دون تغيير عند 4.5%. وقد تبنّى المسؤولون موقفًا حذرًا، وعزوا ذلك إلى المخاوف المستمرة حيال التضخم، واستمرار ارتفاع الأجور، والاضطرابات العامة في الأوضاع العالمية جراء إجراءات الرسوم الجمركية الجديدة في الولايات المتحدة. وبينما يحافظ المصرف المركزي على ميولٍ نحو التيسير، لا توجد ضمانات بخفض إضافي في المستقبل القريب. يعكس هذا النهج حالة عدم اليقين المتصاعدة في الظروف المحلية والدولية، بدءًا من تكاليف الطاقة ووصولًا إلى سياسات التجارة.

توترات الرسوم الجمركية ومخاوف النمو

لا تزال الأسواق العالمية تواجه تحدياتٍ بسبب التداعيات المحتملة لرسوم جمركية جديدة ومزمعة أعلنت عنها الإدارة الأميركية. ومع اقتراب دخول تدابير إضافية حيّز التنفيذ في أوائل أبريل، تستعدّ الشركات في مختلف أنحاء العالم لتراجع حركة التجارة وارتفاع التكاليف ومناخ استثماري أقل وضوحًا. وفي أوروبا، درس صانعو السياسات إجراءات مضادة محتملة، لكنهم حتى الآن يتبنون نهجًا حذرًا، مدركين أن الخطوات الانتقامية قد تزيد من تقويض ثقة المستهلك والشركات.

تذبذبات في أسواق الأسهم الآسيوية

شهدت أسواق الأسهم في آسيا تذبذبًا متزايدًا وسط مخاوف الرسوم الجمركية وخفض التوقعات من قِبل بعض الشركات. وقد تعرضت الأسواق في هونغ كونغ وتايوان وإندونيسيا لضغوط بيع ملحوظة، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، مع إعادة المستثمرين تقييم أوضاع السوق. وفي الوقت ذاته، أسهمت بيانات الإسكان الإيجابية في الولايات المتحدة وثبات طلبات إعانة البطالة في إضفاء بعض التفاؤل المؤقت، رغم أن ذلك لم يكن كافيًا لمعادلة المخاوف الأكبر حول السياسات التجارية العالمية ونتائج الشركات.

ارتفاع الذهب كملاذ آمن

في ظل هذه الأجواء غير الواضحة، حافظ الذهب على مستوياته القريبة من أعلى مستوياته على الإطلاق. وما زال المستثمرون يتجهون إلى الملاذات الآمنة، ما رفع أسعار السبائك الذهبية. ويتوقع مراقبون استمرار ارتفاع الأسعار، لا سيما إذا تصاعدت حدة النزاعات التجارية. كما ساعدت توجهات السياسة النقدية على دعم جاذبية المعدن النفيس، فقد التزم معظم المصارف المركزية العالمية في اجتماعاتها الأخيرة بالثبات أو بالتلميح لخفض إضافي محتمل، الأمر الذي يحافظ على انخفاض العوائد الحقيقية ويعزز من مكانة الذهب الاستثمارية.

نظرة مستقبلية

أكد صانعو السياسة النقدية في عدد من المناطق على أهمية التزام المرونة في المرحلة المقبلة، إذ تنتظر عدد من المصارف المركزية اتضاح معالم السياسات التجارية واتجاهات التضخم قبل اتخاذ قرارات جديدة. في موازاة ذلك، ينتظر المستثمرون إعلانات الأرباح المهمة في قطاعات التكنولوجيا والاستهلاك، إضافة إلى أي تصعيد (أو حلحلة) محتملة في النزاعات الجمركية. وفي الأسابيع المقبلة، ستؤدي التغيّرات في توجيهات الشركات والمؤشرات الاقتصادية الأساسية دورًا محوريًا في تشكيل ثقة المستثمرين وتحديد أسعار الأصول في أسواق الأسهم والعملات والسلع.

بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال

نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.

رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.

المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية