توترات الشرق الأوسط تثير اضطراب الأسواق وتدفع الطلب على الملاذات الآمنة

شهدت الأسواق المالية العالمية تحوّلاً نحو النفور من المخاطر يوم الجمعة، بعد العملية العسكرية المفاجئة التي شنّتها إسرائيل واستهدفت منشآت نووية إيرانية. أدّى هذا التصعيد إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط والذهب، وتراجع في الأسهم، وتحول واسع إلى الأصول الآمنة. يعيد المستثمرون تقييم محافظهم الاستثمارية مع تزايد احتمالات اندلاع صراع إقليمي أوسع، لا سيما بعد أن ردّت إيران وهدّدت بمزيد من التصعيد. وقد انعكست تداعيات هذه الصدمة الجيوسياسية على السلع والأسهم والعملات والسندات.
النفط يقفز مع تصاعد الصراع في الشرق الأوسط
سجلت أسعار النفط الخام أكبر قفزة يومية لها في أكثر من ثلاث سنوات، بعد أن شنّت إسرائيل غارات جوية على منشآت نووية وصاروخية إيرانية. ارتفع خام برنت بنسبة وصلت إلى 13% قبل أن يستقر على مكاسب بنسبة 5.6% ويغلق عند 73.24 دولارًا للبرميل. وتغذّت هذه القفزة الدراماتيكية من المخاوف بشأن احتمال تصاعد النزاع وتعطيل طرق الشحن الحيوية للنفط أو انخراط أطراف إقليمية أخرى.
– أكدت إسرائيل أنها ستواصل العمليات حتى يتم “تحييد” التهديد الإيراني.
– ردّت إيران بإطلاق أكثر من 100 طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل.
– ازدادت حدة منحنى العقود الآجلة للنفط وسط مخاوف من اضطرابات مستمرة في الإمدادات.
الذهب يرتفع بفعل الطلب على الملاذات الآمنة
واصل الذهب ارتفاعه لأيام بدعم من حالة عدم اليقين الجيوسياسي والطلب على الأصول الآمنة. ارتفعت الأسعار بنسبة 0.9% في تداولات لندن الصباحية، لتصل إلى 3,416.21 دولارًا للأونصة، على بعد 90 دولارًا فقط من أعلى مستوى قياسي سجّله في أبريل. كما ساهمت المخاوف المستمرة بشأن التضخم وردود أفعال المصارف المركزية العالمية في تعزيز الطلب على الذهب.
– تشمل العوامل الرئيسية تهديدات ضد القواعد الأميركية، والنزاع المستمر في أوكرانيا، وسياسات التجارة العالمية العدوانية.
– الطلب من المصارف المركزية وتراكم المؤسسات الاستثمارية يدعمان مكاسب الذهب التي بلغت 30% هذا العام.
تراجع عالمي في الأسهم مع تحول السوق إلى نمط “نفور من المخاطر“
سجّلت الأسواق العالمية تراجعًا حادًا مع توجه المتداولين بعيدًا عن الأصول عالية المخاطر. تراجعت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 1.3%، بينما انخفضت عقود ناسداك 100 وداو جونز بنسبة 1.4% و1.2% على التوالي. كما انخفضت المؤشرات الأوروبية بنسبة 1.1%، وسجلت الأسهم الآسيوية أكبر تراجع لها في شهرين.
– تراجع مؤشر Stoxx Europe 600 بنسبة 1.1%
– انخفض مؤشر MSCI آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 1%
– هبط مؤشر MSCI للأسواق الناشئة بنسبة 1%
وقد رأى المستثمرون أن التصعيد الجيوسياسي يمثل فرصة لجني الأرباح بعد ارتفاعات حديثة في الأسهم العالمية.
السندات والدولار يعكسان أنماط الملاذ الآمن الكلاسيكية
عكس سوق الدخل الثابت تحوّلًا واضحًا نحو النفور من المخاطر. ارتفعت سندات الخزانة الأميركية، فقد تراجع العائد على سندات الـ10 سنوات بمقدار نقطتين أساس إلى 4.34%. كما ارتفعت السندات الألمانية، وتراجع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 2.47%.
– ارتفع مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.3% بعد أن كان عند أدنى مستوى له في ثلاث سنوات، في إشارة إلى الطلب على السيولة والعملات الآمنة.
– تراجع الشيكل الإسرائيلي بنسبة 3.4% مقابل الدولار، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أبريل.
ضغط على العملات الرقمية
تعرّضت العملات المشفّرة لموجة بيع وسط حالة النفور من المخاطر في الأسواق بشكل عام:
– انخفضت عملة البيتكوين بنسبة 1.3% إلى 104,623 دولارًا
– تراجعت الإيثريوم بنسبة 4.3% إلى 2,526 دولارًا
وعلى الرغم من أن الأصول الرقمية تُعتبر بديلًا للعملات الورقية في بعض الأحيان، دفعت التوترات الجيوسياسية المتداولين إلى الخروج من الأدوات عالية التقلب.
مزاج السوق العام والتطلعات المستقبلية
يركز المستثمرون حاليًا على تقييم ما يلي:
– مدى ردّ إيران وما إذا كان التصعيد قد يتوسع ليشمل قوى إقليمية أو دولية أخرى
– التأثير المحتمل على مفاوضات البرنامج النووي التي كانت مقررة بين إيران والولايات المتحدة
– المخاطر التضخمية على المدى الطويل، لا سيما إذا استمرت أسعار النفط في الارتفاع
قد تضطر المصارف المركزية إلى إعادة تقييم مساراتها السياسية إذا تسربت صدمات الطاقة إلى أسعار المستهلكين. وحتى تتضح الصورة، من المتوقع أن تبقى تقلبات السوق مرتفعة.
إعادة تموضع في بيئة “نفور من المخاطر“
أدخل النزاع بين إسرائيل وإيران طبقة جديدة من عدم اليقين إلى مشهد عالمي هشّ بالفعل. ومع تباطؤ البيانات الاقتصادية، وتباين مسارات السياسات النقدية، واستمرار التوترات التجارية، أصبحت الجيوسياسة الآن عنصرًا رئيسيًا في تحديد توجهات الاستثمارات. وبينما قد توفر التراجعات المؤقتة فرصًا تكتيكية، تظل المحافظة على رأس المال والتوجه نحو القطاعات الدفاعية خيارًا حكيمًا في هذا المناخ المضطرب.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية