الأسواق تتراجع مع دخول تعريفات ترامب حيز التنفيذ
شهدت الأسواق المالية العالمية بداية أسبوع مضطربة، فقد دخلت تعريفات الرئيس دونالد ترامب على الصين وكندا والمكسيك حيز التنفيذ رسميًا في منتصف ليل 4 مارس 2025، في أقوى خطوة له حتى الآن لإعادة تشكيل التجارة العالمية. تكبد مؤشر S&P 500 أكبر خسائره هذا العام يوم الاثنين، متراجعًا بنسبة 1.8%، بينما انخفض ناسداك 100 بنسبة 2.2%، وهبط داو جونز بنسبة 1.5%. وتراجعت أسهم “السبعة العظماء” بنسبة 3.1%، فقد انخفض سهم Nvidia Corp. بنسبة 8.7%، ما أدى إلى محو مكاسب يوم الجمعة ودفع S&P 500 إلى الانخفاض بنحو 5% عن أعلى مستوى سجله في 19 فبراير.
ما الذي أشعل هذه الموجة من البيع؟
أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا بمضاعفة الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية إلى 20%، إلى جانب فرض رسوم 25% على كندا والمكسيك، مستهدفًا ما يقرب من 1.5 تريليون دولار من الواردات السنوية. برر ترامب زيادة الرسوم على الصين بسبب عدم اتخاذها إجراءات كافية بشأن تدفقات الفنتانيل، بينما أشار إلى عدم وجود مجال للتفاوض مع كندا والمكسيك.
رد الصين لم يتأخر، فقد فرضت تعريفات تصل إلى 15% على المنتجات الزراعية الأميركية مثل فول الصويا والدجاج والقطن، التي ستدخل حيز التنفيذ في 10 مارس، كما أعلنت عن حظر صادرات إلى شركات دفاع أميركية محددة. ويرى المحللون أن رد الصين كان محسوبًا، ما أبقى المجال مفتوحًا للحوار وساعد أسواق الأسهم الصينية على التعافي من خسائر الجلسة الصباحية.
البيانات الاقتصادية تشير إلى الحذر
زادت المخاوف في الأسواق بسبب ضعف المؤشرات الاقتصادية الأميركية. انخفض مؤشر ISM للتصنيع إلى 50.3 في فبراير، مشيرًا إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي، فقد تراجعت الطلبات الجديدة إلى 48.6، بينما ضعف مؤشر التوظيف إلى 47.6.
وارتفع مؤشر أسعار المدفوعات إلى 62.4، وهو أعلى مستوى منذ يونيو 2022، ما يعكس ارتفاع تكاليف المدخلات مثل الصلب والألمنيوم نتيجة الرسوم الجمركية.
الإنفاق على البناء انخفض بنسبة 0.2% في يناير، ما دفع نموذج GDPNow التابع لمجلس الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا إلى توقع انكماش سنوي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.8% للربع الأول، بعد أن كان التقدير السابق -1.5%.
تأتي هذه البيانات بعد سلسلة من التقارير المخيبة، مثل ارتفاع طلبات إعانة البطالة، وتراجع مبيعات المنازل، وانخفاض حاد في إنفاق المستهلكين، وهو ما زاد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الأميركي.
الرئيس التنفيذي لـ”غولدمان ساكس”، ديفيد سولومون، صرح في سيدني بأن فرص حدوث ركود لا تزال “ضئيلة للغاية”، لكن وول ستريت تبقى متوترة.
ردود فعل الأسواق العالمية والسلع
مع تراجع الأسهم الأميركية، شهدت الأسواق الأوروبية أحد أقوى ارتفاعاتها هذا العام، ما يشير إلى تحول المستثمرين نحو الأسواق العالمية. وفي آسيا، تتحول الأنظار إلى مؤتمر الشعب الوطني الصيني، الذي يبدأ يوم الأربعاء، فمن المتوقع الإعلان عن حوافز اقتصادية لمواجهة خسائر الصادرات.
أسعار السلع تأثرت بشدة أيضًا:
انخفض النفط إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر، فقد تراجع خام برنت بنسبة 2.1% إلى 71.26 دولار للبرميل بعد تأكيد أوبك+ خططها لزيادة الإنتاج بمقدار 138,000 برميل يوميًا اعتبارًا من أبريل، استجابة لضغوط ترامب لخفض الأسعار.
هبطت العملة الرقمية بتكوين بنسبة 9.5% إلى 85,314.51 دولار، متراجعة عن المستويات المرتفعة التي شهدتها الأسبوع الماضي بسبب خطط ترامب لتخزين العملات الرقمية. وارتفعت السندات، فقد تراجعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.16%، بينما ارتفع الذهب بنسبة 1.2% إلى 2,890.91 دولار للأونصة، فقد سعى المستثمرون إلى الملاذات الآمنة.
ماذا بعد؟
قد بحدد خطاب ترامب أمام الكونغرس الليلة نغمة السوق، فالمستثمرون يترقبون توضيح موقفه بشأن التجارة.
كما أن البيانات الاقتصادية هذا الأسبوع، بما في ذلك تقرير الوظائف الأميركية يوم الجمعة، وخطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، ونمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو، سيكون لها دور رئيسي في تشكيل معنويات الأسواق.
في الوقت الحالي، عدم اليقين هو المسيطر. وكما أشار ديفيد كوستين من جولدمان ساكس، فإن أي تعافٍ لمؤشر S&P 500 قد يعتمد على تحسن التوقعات الاقتصادية، وهو أمر صعب في ظل الحروب التجارية وضعف البيانات.
مؤشر الدولار الأميركي تحت الضغط
بعد التعافي يوم الجمعة، فقد الدولار كافة مكاسبه يوم الاثنين، متراجعًا إلى 106.40 ليقترب من أدنى مستوى له منذ ديسمبر. يتماشى هذا التراجع مع التوقعات السلبية التي أشار إليها نموذج السعر/الزمن، ما يشير إلى استمرار الضغط الهابط نحو 105.50 على المدى القريب.
اليورو يتجاوز مستوى 1.0500
تعافى زوج اليورو مقابل الدولار الأميركي من خسائر الأسبوع الماضي، ليتداول مجددًا فوق مستوى المقاومة القوي 1.0500. من الضروري مراقبة هذا المستوى عن كثب في الساعات المقبلة، فإن الاستقرار فوقه قد يمهد الطريق لمزيد من المكاسب، مع استهداف 1.0550 ثم 1.0600. ومع ذلك، يشير نموذج السعر/الزمن إلى أن أي تراجع محتمل سيظل محدودًا فوق 1.0380 في الوقت الحالي.
ارتفاع قصير الأجل للذهب
ارتفع الذهب اليوم إلى 2920 دولارًا بسبب المخاوف المتعلقة بالتعريفات الجمركية، بعد أن انخفض يوم الجمعة إلى 2833 دولارًا. ومع ذلك، من المتوقع أن يكون هذا الارتفاع قصير الأجل. يشير نموذج السعر/الزمن إلى أن تصحيحًا هابطًا قد يستأنف نحو 2780 دولارًا في الأسبوعين المقبلين، ما لم يسجل الذهب رقمًا قياسيًا جديدًا فوق 2956 دولارًا.
النفط عند منطقة دعم رئيسية
تراجعت أسعار النفط بسبب قرار أوبك+ بالمضي قدمًا في خطط زيادة الإنتاج، ما أدى إلى انخفاض الأسعار. ومع ذلك، حافظت أوبك+ على أسعار خام برنت فوق 70 دولارًا منذ العام 2021، وسيكون من المثير للاهتمام رؤية كيفية إدارتها للأسعار في المستقبل. يدعم نموذج السعر/الزمن النظرة السلبية.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية
