التوترات الجيوسياسية تؤجج المزاج الدفاعي في الأسواق بينما ترسل المصارف المركزية إشارات متباينة
تتعامل الأسواق مع موجة من العزوف عن المخاطرة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتباين مسارات السياسة النقدية العالمية. وبينما تراجعت مؤشرات الأسهم الرئيسية وحققت الأصول الآمنة مكاسب متواضعة، تضيف مفاجآت المصارف المركزية وتفاعلات سوق الطاقة مزيدًا من التعقيد إلى المشهد العام. إليكم نظرة شاملة على أبرز التطورات:
تصعيد الشرق الأوسط يُبقي الأسواق العالمية في حالة تأهب
افتتحت الأسواق تعاملاتها بحذر بعد تصعيد كبير بين إسرائيل وإيران في عطلة نهاية الأسبوع. الصراع الذي بدأ يجذب ردودًا دبلوماسية قد يتسع قريبًا.
– المسؤولون الأميركيون يخططون لهجوم محتمل على إيران في الأيام المقبلة، مع استعدادات طارئة جارية على مستوى الوكالات الفدرالية. يأتي ذلك بعد ضربة صاروخية إيرانية على مستشفى سوروكا في إسرائيل ورد إسرائيلي على مواقع عسكرية واستراتيجية في أراك.
– الرئيس ترامب أعرب عن استعداده للتصعيد لكنه لم يقرر بعد، قائلاً إنه “قد يتخذ القرار النهائي قبل لحظة واحدة من الموعد”.
– إسرائيل تتعهد بمواصلة التصعيد وتحمل المرشد الأعلى في إيران المسؤولية المباشرة. حتى الآن، أطلقت إيران 400 صاروخ باليستي ومئات الطائرات المسيرة، بينما وسعت إسرائيل نطاق ضرباتها لتشمل عشرات الأهداف الإيرانية.
– تزايد القلق العالمي بشأن سلامة الممرات البحرية، لا سيما مضيق هرمز الذي يُعد شريانًا حيويًا لتدفق النفط العالمي.
أسواق النفط: تسعير لمخاطر الإمداد على الرغم من رد الفعل المعتدل
على الرغم من التصعيد المتسارع، أظهرت أسواق النفط رد فعل محدودًا نسبيًا:
– ارتفع خام برنت بنسبة 1.1% ليغلق عند 73.72 دولارًا للبرميل، بعد قفزة بأكثر من 5% في تداولات آسيا المبكرة.
– كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط وسط تكهنات بتعطل الإمدادات، لكنه أنهى الجلسة دون ذروته اليومية.
– شهد منحنى العقود الآجلة انحدارًا أكبر، ما يعكس توقعات السوق بمزيد من التقلبات واستمرار ضغوط العرض.
الطلب على الملاذات الآمنة: الذهب مستقر والدولار مختلط
في ظل ارتفاع المخاطر الجيوسياسية، عاد المستثمرون إلى الأصول الآمنة:
– استقر الذهب بالقرب من أعلى مستوياته الأخيرة، في ظل اهتمام متواصل من المصارف المركزية والمستثمرين.
– ارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة 0.2%، ما يعكس طلبًا معتدلًا على السيولة بالدولار الأميركي.
– في المقابل، ظل الشيكل الإسرائيلي تحت ضغط شديد، بعد التراجع الحاد الذي أعقب الموجة الأولى من الصواريخ الإيرانية.
الأسهم تتعرض لضغوط في ظل عزوف المستثمرين عن المخاطرة
شهدت الأسواق العالمية تراجعًا عامًا في مؤشرات الأسهم:
– الأسهم الأميركية تخلت عن مكاسبها المبكرة، وتراجع مؤشر S&P 500 من أعلى مستوياته خلال الجلسة.
– المؤشرات الأوروبية تراجعت بقيادة القطاعات الدفاعية مثل المالية والمرافق.
– في آسيا، ارتفع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 1.1% بدعم من ضعف الين وأداء قوي لأسهم قطاع الدفاع، بينما أغلق مؤشرا هانغ سنغ وشنغهاي المركب من دون تغييرات تُذكر.
– سيطرت النزعة الدفاعية على التداولات، فاتجه المستثمرون نحو الذهب والطاقة والسندات.
تباين السياسات النقدية: المركزي السويسري يفاجئ بخفض الفائدة إلى 0%
فاجأ الوطني السويسري الأسواق بخفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.00%، وهو الخفض السادس على التوالي خلال عام:
– يهدف هذا التحرك إلى الحد من تدفق رؤوس الأموال وتقليص قوة الفرنك السويسري الذي شهد ارتفاعًا ملحوظًا هذا العام.
– لمح المصرف إلى إمكانية إجراء مزيد من التيسير، بما في ذلك العودة إلى الفائدة السلبية، على الرغم من الأثر السلبي المعروف على القطاع المصرفي.
– ارتفع الفرنك السويسري بنسبة 0.2% بعد القرار، إذ كانت الأسواق تتوقع خفضًا أكبر بمقدار 50 نقطة أساس.
– تراجعت الأسهم السويسرية بنسبة تصل إلى 1.1%، مع تعرض البنوك لضغوط نتيجة منحنيات العائد المسطحة وهوامش الربح المتضائلة.
ارتفاع عوائد السندات عالميًا وسط استمرار مخاوف التضخم
على الرغم من التوترات الجيوسياسية، سجلت عوائد السندات ارتفاعًا:
– ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 5 نقاط أساس إلى 4.43%، مدفوعًا بعدم اليقين بشأن التضخم وتردد الفيدرالي.
– قفز عائد السندات الأسترالية لأجل 10 سنوات بمقدار 8 نقاط أساس، وهو أكبر ارتفاع يومي منذ أبريل.
– يعكس هذا التراجع في أسعار السندات إعادة تقييم أوسع لمسار السياسة النقدية، لا سيما إذا استمرت أسعار الطاقة في الارتفاع.
العملات الرقمية ترتد بحذر
بعد عدد من الجلسات من التراجع، شهدت العملات المشفرة ارتدادًا متواضعًا:
– ارتفع البيتكوين بنسبة 1.1% ليصل إلى 105,936 دولارًا، لينهي سلسلة خسائر استمرت خمسة أيام.
– ارتفع الإيثريوم بنسبة 2.6% ليصل إلى 2,569 دولارًا، مستفيدًا من اهتمام متجدد بالأصول البديلة.
– لا تزال الأصول الرقمية متقلبة، لكنها تبدو وكأنها بدأت تنفصل جزئيًا عن اتجاهات المخاطر التقليدية، فيختبر المستثمرون إمكانية التحوط من التقلبات.
الموقف الدفاعي لا يزال مبررًا
يجتمع التصعيد الجيوسياسي، وتباين مسارات المصارف المركزية، ومخاطر التضخم المرتبطة بالطاقة لتشكيل بيئة استثمارية معقدة. وبينما تُظهر بعض الأصول الخطرة مثل الأسهم مرونة محدودة، فإن النغمة السائدة تظل حذرة.
يوصى بنهج استثماري متنوع يركز على الذهب، والطاقة، والأسهم الدفاعية المختارة، وتحوطات العملة كوسيلة فعالة للتعامل مع التقلبات المقبلة.
من المرجح أن تظل التقلبات مرتفعة، مع حساسية مفرطة تجاه العناوين الإخبارية. يجب على المتداولين والمستثمرين الاستعداد لتحولات سريعة في المزاج العام مع تطورات السياسة والمشهد الجيوسياسي في الوقت الفعلي.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية
